والاحتيال وغير ذلك، مما هو سبة في جبين الإسلام والمسلمين، وتقدم غيرهم، وأنتجوا وعملوا بهذه الحكمة بل جعلوا في دستورهم "من لم يعمل لم يأكل". وبهذا ساد المشركون ورموا الإسلام بأنه دين التواكل والضعف والذل والتأخر، والإسلام من هذا الوصف وممن كان السبب في وصمه به بريء، فهذا عبد الرحمن بن عوف يهاجر صفر اليدين وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، فقال له سعد: إنني أكثر الأنصار مالا، فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها، فإذا حلت تزوجتها، فإذا الإسلام في شخص عبد الرحمن يقول: لا حاجة لي في ذلك، هل من سوق فيه تجارة، قال: سوق قينقاع. فغدا إليه عبد الرحمن بأقط وسمن، أي والله صحابي جليل لا يستحي أن يبيع الجبن والسمن في السوق، وإنما يستحي أن يكون عالة على الناس، ثم تابع الغدو فما لبث أن بدا عليه النعيم. وغيره وغيره من مثل الإسلام الرائعة التي تعبر تعبيرا صادقا عن الإسلام، وأنه اليوم مظلوم، ومظلوم من أهله قبل أعدائه فاللهم وجه المسلمين إلى الطريق المستقيم.
-[المباحث العربية]-
(ما أكل أحد طعاما قط) أي من بني آدم كما جاء في بعض الروايات و"قط" بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة ظرف زمان لاستغراق ما مضى ويختص بالنفي وهو مبني على الضم، واشتقاقه من قططت الشيء بمعنى قطعته.
(خيرا من أن يأكل) "خيرا" صفة لمصدر محذوف، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بمن، والمعنى: ما أكل أحد طعاما أكلا خيرا من أكله من عمل يده، ويجوز أن تكون "خيرا" صفة لطعاما، وعليه يلزم أن يكون المصدر المنسبك "من أن يأكل" مرادا به اسم المفعول، والمعنى: ما أكل أحد طعاما خيرا من طعام "مأكول" من عمل يده.