الفحش في المنطق -والكذب والغيبة والنميمة ونحوها، من لم يترك هذه المحرمات وهو صائم فلا خير في صومه، وليس ينفعه، ولن يقبل الله تركه لطعامه وشرابه، نعم إن ترك الصوم انتهاك لحرمة الله وحقه، والزور وأمثاله انتهاك لحق الله وحق العباد، ولو وزن الصوم بإثم فحش اليد واللسان لرجح الإثم الثواب، وعاد الصائم من صومه صفر اليدين، وقد وضح الرسول ذلك لأصحابه حين قال: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: من لا درهم له ولا دينار ولا متاع، قال: بل المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا فنيت أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
-[المباحث العربية]-
(قول الزور) الزور الكذب والميل عن الحق، وفسر قول الزور بشهادة الزور وفهم بعض العلماء أن المراد الأمر بحفظ النطق فيعم الغيبة والرفث والصخب وكل ما يقبح النطق به.
(والعمل به) في الكلام مضاف محذوف، أي والعمل بمقتضاه، والضمير يعود على قول الزور، وفي رواية "من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به" فيحتمل عود الضمير على الجهل لقربه، ويحتمل عوده على قول الزور وإن بعد، لأن الروايات اتفقت عليه! ويحتمل أن يعود عليهما وأفرده لاشتراكهما في تنقيص الصوم.
(فليس لله حاجة) مفهومه أن لله حاجة في الصيام إذا لم يكن معه قول الزور، ولكن هذا المفهوم غير مراد، لأن الله لا يحتاج إلى شيء، ولهذا كان التعبير مجازا عن عدم الالتفات والقبول، من قبيل نفي السبب وإرادة المسبب وقال ابن بطال: وضع الحاجة موضع الإرادة، يعني ليس لله إرادة في صيامه وعدم الإرادة كناية عن الرد وعدم القبول، فيرجع لما قبله، وجاء في رواية "فليس به حاجة" قال الحافظ ابن حجر: فإن لم تكن تحريفا فالضمير للصائم.