قوله "فلا يرفث ولا يجهل" ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

والجمهور وإن حملوا النهي على التحريم قد خصوا الفطر بالأكل والشرب والجماع، ولا يشك أحد في أن من لم يعرض صيامه لشيء من ذلك طول نهاره ليس هو في الفضل كمن عرض صيامه للآثام. والمراد بالمفاعلة في قوله "قاتله أو شاتمه" التهيؤ أي إذا تهيأ امرؤ لقتال الصائم وتهيأ الصائم لقتاله، وقيل. المراد بها الفعل حقيقة من جانب المتعدي والتهيؤ من جانب الصائم، أي إن دفع امرؤ الصائم وتهيأ الصائم لقتاله فليقل إلخ وقيل: إن المفاعلة ليست على بابها، والمراد إن اعتدى عليه أحد فلا يجاره، بل يصرفه عن نفسه بقوله: إني صائم ويؤيده رواية "وإن شتمه إنسان" بدون مفاعلة، وقد اختلف العلماء في قوله "إني صائم" هل يقولها في نفسه أو بلسانه؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أن يقول ذلك بلسانه حتى يعلم من يجهل أنه معتصم بالصيام عن اللغو والرفث والجهل. ثانيا: أن يقول ذلك لنفسه، أي إذا كنت صائما فلا ينبغي أن أخدش صومي بالجهل ونحوه فيزجر نفسه بذلك. ثالثا: التفرقة بين صيام الفرض وصيام النفل، فيقول ذلك بلسانه في الفرض، ويقول لنفسه في التطوع بعدا عن الرياء، وإنما أمر بتكرير "إني صائم" ليتأكد البعد عن الشر من نفسه وممن خاطبه، وقيل: المراد من "مرتين" مرة لنفسه ومرة لخصمه، وقد ورد في رواية "فإن سابك أحد فقل: إني صائم، وإن كنت قائما فاجلس". وفائدة هذا الجلوس تغيير الوضع إلى وضع أقل تهيؤا للمقاتلة، فإن ذلك التغيير يضعف الثورة النفسية، فإذا كان قائما جلس، وإذا كان جالسا اضطجع.

وفي معنى قوله "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" قال ابن المنير: لا حاجة إلى تجوز ولا تأويل، لأن الله عالم بهذا النوع من الإدراك وكذا بقية المدركات والمحسات يعلمها الله على ما هي عليه بدون حاسة لأنه خالقها وهو يعلم ما خلق، وتمسك الشافعية بظاهر الحديث، فقالوا بكراهة السواك بعد الزوال، وأجاب المالكية بأن هذا كناية عن مدح نفس الصوم، وإن لم يوجد خلوف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015