-[المعنى العام]-
الصيام تشريع حكيم دعت إليه الشرائع السابقة والعقول السليمة وقد قصد به الإسلام الإمساك عن الشهوات ليستر صاحبه يوم القيامة من النار التي حفت بالشهوات، وليؤدي هذا الغرض المقصود منه يجب أن يخلو من الفحش في القول والسفه في الفعل ليتوافق ظاهر المرء وباطنه، فيكون إمساكا عن جميع ما نهى الله عنه، لا عن بعض ما حرم الله، فليس الصيام عن الأكل والشرب إنما الصيام الحقيقي عن اللغو والرفث، فإن اعتدى على الصائم وسبه إنسان أو دافعه فينبغي ألا يقابله بالمثل، بل يزجر نفسه والمعتدي بقوله "إني صائم" فلا أدنس صيامي ويقسم الرسول صلى الله عليه وسلم بربه الذي بيده الأرواح أن رائحة الفم المتغير من أثر الصيام أزكى عند الله من ريح المسك، ويقول تعالى: "الصيام لي" فلا حظ للصائم إلا الخضوع لأمري، يترك طعامه وشرابه وشهواته ابتغاء وجهي، أنا الذي سأجزيه جزاء لا يشبه جزاء الأعمال الحسنة الأخرى، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، لكنه جزاء غير معين لأنه صابر، و {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.}
-[المباحث العربية]-
(جنة) بضم الجيم وتشديد النون أي وقاية من النار، أو من الشهوات أو منهما.
(فلا يرفث) راجع المادة في الحديث رقم (38) والفاعل مستتر يعود على الصائم المفهوم من المقام، وفي رواية الموطأ "فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث".
(ولا يجهل) أي لا يفعل شيئا من أفعال أهل الجهل، كالصياح والسفه والسخرية، وفي رواية "فلا يرفث ولا يجادل".
(وإن امرؤ قاتله أو شاتمه) "امرؤ" فاعل فعل محذوف يفسره المذكور والمراد من المقاتلة المنازعة والمدافعة ولو بالقول.