حرما كما قال مالك والشافعي وأكثر أهل العلم أنه يحرم صيدها وقطع شجرها، وهل فيه الجزاء أو لا؟ خلاف بينهم، وقال أبو حنيفة: لا يحرم، وعليه فمعنى "حرم" أن لها حرمة، فإثم الذنب فيها كبير، وعلى القول بأن شجرها محرم لا يتعارض مع قطع الرسول صلى الله عليه وسلم النخل وجعله قبلة للمسجد، لأن النهي محمول على قطع الشجر الذي أنبته الله مما لا صنع للآدمي فيه، والنخل الذي قطعه الرسول كان ملكا لبني النجار، ومن زرعهم، وقيل: إن النهي عن قطع الشجر الذي يحصل بقطعه الإفساد، فأما من يقصد الإصلاح فلا يمنع عليه قطع ما كان بتلك الأرض من شجر، وقيل إن قطع الرسول للنخل كان في أول الهجرة وحديث التحريم كان بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من خيبر، وهذا أوجه الأوجه.
والغرض من لعنة الملائكة والناس أجمعين بعد لعنة الله المبالغة في تهديده وفي استحقاقه العذاب. وقد اعترض على قوله "لا يقبل منه صرف ولا عدل" حيث فسر الصرف بالتوبة واعترض بأن التوبة النصوح مقبولة بنص الكتاب والسنة وأجيب بأن المعنى: لا يقبل منه قبول رضى وإن قبل منه قبول جزاء، أو بأن فاعل هذا الذنب متعمدا قد يشتد سخط الله عليه، فلا يوفقه للتوبة النصوح، وقد يجاب أيضا بأن هذا جار مجرى التغليظ، إشعارا بفظاعة الجرم، فليس المقصود حقيقته، وهذا جواب حسن، فمثله كثير مستساغ في أساليب العرب، والمراد من قوله "ذمة المسلمين واحدة" إلخ أن عهد المسلمين سواء صدر من واحد أو أكثر، من شريف أو وضيع، محترم عند جميعهم، فإذا أمن أحد من المسلمين كافرا أو أعطاه ذمة موافقة لقواعد الشريعة لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة والحر والعبد، لأن المسلمين كنفس واحدة، والمراد من الولاء في قوله "ومن تولى قوما بغير إذن مواليه" ولاء العتق، فالمعنى عليه: من جعل من العبيد العتقاء له وليا غير المعتق بدون إذنه فعليه لعنة الله إلخ، واستشكل عليه بأن ولاء العتق ممنوع انتقاله عن موالي الرقيق ولو مع الإذن منهم، فلو أريد ولاء العتق لم يكن لقيد عدم الإذن فائدة، اللهم إلا أن يكون للتنبيه على أن