فلم تنص على جهة الإطعام ليشمل إطعامها أولاده وأهله وأصحابه والفقراء والمساكين. ونصت على الطعام.
ولا شك أن الزوجة والخازن والخادم كل منهم أمين على مال الغير، ليس له أن يتصرف فيه إلا بإذن المالك نصا أو عرفا، إجمالا أو تفصيلا وقد جاء التصريح بالإذن نصا بالنسبة للخازن في حديث البخاري عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به كاملا موفرا طيبا بها نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين" وكانت هذه الروايات المتعددة أساسا في تعدد الآراء.
قال ابن العربي: اختلف السلف فيما إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها، فمنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الإجمال، ومنهم من قال: المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال في مصالحه، وليس ذلك بأن يفتئتوا على رب البيت بالإنفاق على الفقراء بغير إذن، ومنهم من فرق بين المرأة والخادم، فقال المرأة لها حق في مال الزوج والنظر في بيته وتدبيره، فجاز لها أن تتصدق، بخلاف الخادم، فليس له تصرف في متاع مولاه، فيشترط الإذن فيه.
والذي تستريح إليه النفس أن تصدق الزوجة من الطعام لا يحتاج إلى إذن سابق، لأن الشأن والعادة والعرف موافقة الزوج عليه، والشرط الأساسي حينئذ أن لا تكون مفسدة مسرفة، بأن تنفق مالا يؤثر نقصانه، ولا يتجاوز ما تسمح به نفسه. أما تصدق الزوجة بالمال أو بالأعيان كالثياب والقدور والفرش ونحوها فلا بد فيه من الإذن السابق، إما نصا وصراحة، وإما ضمنا، فإذا لم يسبق مثل هذا الإذن، وشكت في رضا زوجها حرم عليها التصدق بمثل ذلك إلا بصريح أمره، محافظة على حسن عشرة الزوجين.
أما ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظه "وما أنفقت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له" فقد قال عنه النووي: معناه من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين، ويكون معها إذن عام سابق،