ويزيده تأكيدا رواية مسلم "من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة" ورواية البخاري في كتاب الشهادات "المؤمنون شهداء الله في الأرض" ورواية أبي داود "إن بعضكم على بعض لشهيد" وحديث البخاري "أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة فقلنا وثلاثة قال وثلاثة فقلنا واثنان قال واثنان" قال الحافظ والمعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم ولا من بينه وبين الميت عداوة لأن شهادة العدو لا تقبل اهـ وفي هذا الأخير نظر لأن شهادة العدو بالخير أقوى من شهادة الصديق فالفضل ما شهدت به الأعداء
والظاهر أنها شهادة على معنى أن القول ينبغي أن يطابق الواقع فالثناء بالخير يكون على خير وقع بالفعل وليس مجرد ثناء ولم يرتض النووي هذا التفسير إذ قال قال بعضهم معنى الحديث أن الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل -وكان ذلك مطابقا للواقع -فهو من أهل الخير فإن كان غير مطابق فلا وكذا عكسه قال: والصحيح أنه على عمومه وأن من مات فألهم الله تعالى الثناء عليه بخير كان دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة وهذا الإلهام يستدل به على تعيينها وبهذا تظهر فائدة الثناء اهـ قال الحافظ ابن حجر: وهذا في جانب الخير واضح ويؤيده ما رواه أحمد وابن حبان والحاكم عن أنس مرفوعا "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون عنه إلا خيرا إلا قال الله تعالى قد قبلت قولكم وغفرت له ما لا تعلمون"
أما الثناء بالشر فظاهره يتعارض مع النهي عن سب الأموات ففي البخاري عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" قال الزين ابن المنير: والجواب أن عمومه مخصوص بالحديث السابق حيث قال صلى الله عليه وسلم عند ثنائهم بالخير والشر "وجبت" و"أنتم شهداء الله في الأرض"
وقال القرطبي حديث "وجبت" يحتمل أجوبة الأول أن الذي كان