نصفها، سألوه: لم لم تجمع بين النصفين لتلبس حلة كاملة؟ فأجاب بقوله: تشاتمت مع رجل، وكانت أمه أعجمية، فنلت منها، عيرته بسوادها فشكا الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوبخني بأن ما فعلته من خصال الجاهلية الذميمة وأفهمني أن العبيد لم يخرجوا عن كونهم إخوانا في الإنسانية، ولئن رفع الله بعض الناس على بعض فقد أوجب على الأسياد حسن معاملة العبيد والضعفاء في المأكل والمشرب والملبس، بل وفي أسلوب الخطاب، ونهى عن تكليفهم بصعاب تفوق طاقاتهم.

فما أجل هذا التشريع الحكيم، وما أسمى سماحة الإسلام، إنه دين المودة والمحبة والألفة بين الناس.

-[المباحث العربية]-

(عن أبي ذر قال ساببت رجلا) الحديث من أول "ساببت رجلا" مقصود لفظه، في محل نصب مقول القول، و"قال" مسبوك من غير سابك نائب فاعل لفعل محذوف، والتقدير: روي عن أبي ذر قوله "ساببت رجلا" إلخ وأبو ذر الغفاري بكسر الغين منسوب إلى غفار، قبيلة من كنانة، روي عنه أنه قال: أنا رابع أربعة في الإسلام، ويقال: إنه خامس خمسة، أسلم بمكة ثم رجع إلى بلاد قومه، فأقام حتى مضت بدر وأحد والخندق، ثم هاجر إلى المدينة فصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزهده مشهور وتواضعه جم، ومن مذهبه حرمة ما زاد عن حاجة المسلم من المال.

(ساببت) مفاعلة من السب، وهو الشتم وكان السب من الجهتين، كما يدل على ذلك رواية مسلم "فقلت: من سب الرجال سبوا أباه وأمه" وقد ثبت أن الرجل بلال المؤذن، مولى أبي بكر رضي الله عنهما، ولعل أبا ذر أبهمه خوفا عليه من احتقار السامع.

(فعيرته بأمه) معطوف على "ساببت" والتعيير هو النسبة إلى العار، فهو سب، والفاء تفسيرية، وفي رواية "فعيرته بسواد أمه" وفي رواية "قلت له: يا ابن السوداء "وفي رواية" وكانت أمه أعجمية فنلت منها".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015