الصامت وتسمى هذه البيعة بيعة العقبة الأولى، وفي الموسم الثاني للحج قدم مسلما جمع كبير من أهل المدينة، قيل إنهم كانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين واجتمع بهم صلى الله عليه وسلم ولكثرتهم طلب منهم نقباء عنهم يبايعهم، فكان من النقباء عبادة بن الصامت، وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن يقولوا الحق ولا يخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن ينصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم عليهم يثرب، فيمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأزواجهم وأبناءهم، ولهم الجنة.
وهذه هي بيعة العقبة الثانية، وبها سمي المسلمون من أهل المدينة بالأنصار، وبعد فتح مكة حين جاءت المؤمنات مهاجرات بايعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن، ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصين رسول الله صلى الله عليه وسلم في معروف. وتسمى هذه البيعة بيعة النساء، ثم بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال على ما بايع عليه النساء، وقال لهم: من وفى وحافظ، ولم يفعل شيئا من هذه المنهيات فأجره على الله، ومن أصاب من هذه النواهي شيئا، فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ولا يجمع الله عليه عقوبتين. ومن أصاب من هذه الكبائر شيئا ثم ستره الله، فلم يعاقب به في الدنيا فأمره في الآخرة إلى الله، إن شاء عفا عنه وسامحه وغفر له، وإن شاء عاقبه. وكان عبادة بن الصامت ممن حضر هذه البيعة، كما كان ممن حضر بيعة الرضوان تحت الشجرة، عام الحديبية رضي الله عنه وأرضاه، ورضي عن الصحابة.
-[المباحث العربية]-
(عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) هذا التركيب كثير في الروايات، والجار والمجرور فيه وفي مثله متعلق بفعل محذوف، و"أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر نائب فاعل للفعل المحذوف، والتقدير: روي عن عبادة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.