هذا النوع قوله صلى الله عليه وسلم "اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك" والنوع الثاني مكتسب بتناول أسبابه، فحب المؤمن لله ينشأ عن التفكير في فضله ونعمائه، فيتقرب إليه جل شأنه بالفرائض والنوافل، حتى يكون أمر الله وطاعته هي كل شيء في حياته، وكذلك الحال بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم اعترافا بفضله وجهاده في سبيل إخراج الناس من الظلمات إلى النور.
وللحب علامات وآثار لا يوجد بدونها، فطاعة المحبوب والحرص على رضاه دليل المحبة، وصدق الله العظيم حيث يقول: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله .... }
فقيام المؤمن المحب لربه بالتكاليف الشاقة ليس للحب العقلي كشرب الدواء المر- كما يرى البيضاوي -ولكن للتلذذ بالتكاليف وأدائها، وعدم الشعور بمشقتها، فهي حلوة عنده، تهفو إليها نفسه وتسعد بها مشاعره.
وإذا وصل المؤمن إلى هذه الحالة كمل إيمانه، وشعر بحلاوة الإيمان وحصلت عنده الخصلتان الأخيرتان حصولا لازما تبعيا.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 - أن للإيمان حلاوة ولذة يحسها المقربون.
2 - الحث على اتباع الأوامر واجتناب النواهي، والإكثار من النوافل لنيل محبة الله ورسوله.
3 - الحث على إخلاص محبة الناس وتمحيضها لله تعالى، فحب الناس حبا مشتركا بين الله وبين النفع الدنيوي- كمحبة الصالحين لأنهم صالحون وللانتفاع منهم بالمعاملات الدنيوية- وإن كان حسنا وممدوحا شرعا لكنه لا يصل بصاحبه إلى المرتبة المطلوبة، التي بها يجد حلاوة الإيمان وجودا كاملا. والمراد من المرء المحبوب على هذا، المرء المسلم الصالح فإن الكافر والفاسق ينبغي أن يبغضا في الله، مصداقا لقوله تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم