السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} تلك الكلمة كلمة التوحيد والإخلاص، إذا غرست في القلب ونمت وترعرعت بامتثال الأوامر واجتناب النواهي آتت أكلها، وأثمرت حبا لله، وحبا لرسوله، وينمو هذا الحب ويزداد، ويرتقي صاحبه بالاستغراق في الفرائض والنوافل، حتى يغطي حب الله وحب رسوله كل المشاعر، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه من ولده ووالده وماله ونفسه.
وتبرز آثار هذا الحب في امتثال أمر الله، والتلذذ بالعبادة والتكاليف الشاقة والرضا بقضائه وقدره، بل يتلقى المحنة بالنفس الراضية المطمئنة، وبنفس الروح التي يتلقى بها المنحة.
فالمحب يرضى بل يحب كل أفعال المحبوب، ويحرص على أن لا يخالفه أو يغضبه، ويتفرع عن هذا الحب حب من يحبه الله ورسوله من أجل حب الله ورسوله، يتفرع عن هذا الحب حب الصالحين ومجالستهم والاقتداء بهم وتتبع سيرتهم، والميل إليهم، لا لشيء إلا لأنهم صالحون، ولأن حبهم من حب الله، ولله، وفي الله.
ويتفرع عن هذا الحب بغض ما يبغضه الله ورسوله، وبغض الكفار والفسقة والعاصين. وينتج عن هذا الحب وذلك البغض بغض لأن يعود المؤمن إلى ذلك الظلام، ظلام الكفر بعد أن أنقذه الله منه وأخرجه إلى النور.
من بلغ هذه الدرجة من الحب بلغ قمة الإيمان، وتمتع بحلاوته، وسعد بسموه ونوره وهدايته، وكانت له الجنات العلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
-[المباحث العربية]-
(ثلاث من كن فيه) "ثلاث" مبتدأ، والجملة بعده الخبر، وجاز الابتداء به وهو نكرة لأن التنوين عوض عن المضاف إليه، والتقدير ثلاث خصال وحذف المعدود يجيز تذكير العدد وتأنيثه، فيصح أن نقول: ثلاثة، أي ثلاثة أمور، و"كان" تامة هنا، أي من وجدن فيه.