الله صلى الله عليه وسلم أعلى هذه الشعب وأدناها كما ثبت في الصحيح "أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء من الإيمان".
وفي بعض روايات الصحيح "الإيمان بضع وسبعون شعبة" وبعضهم رجح عليها رواية "بضع وستون شعبة" لأنه العدد المتيقن في الروايتين، وهذا كله مبني على أن العدد مقصود محدد، أما من يرى أن العدد هنا للتكثير غير مراد تحديده فلا إشكال في اختلاف الروايات.
فإن قيل: رب حياء يمنع عن قول الحق أو فعل الخير، كأن يحجم صاحبه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكيف يكون مثل هذا شعبة من الإيمان؟ قلنا: إن مثل هذا ليس بحياء شرعي، بل عجز ومهانة، وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف، من حيث أنه ** انقباض من خوف أن يذم، فهو يشبه الحياء وليس بحياء شرعي، فالحياء الشرعي خير كله والحياء الشرعي لا يأتي إلا بخير، فالتغير والانكسار الذي يعتري الإنسان من خوف ما يعاب عليه منه الشرعي الممدوح الموصوف بالسكينة والوقار، ومنه المذموم غير الشرعي.
فإن كان الانقباض عن محرم فهو واجب، وإن كان عن مكروه فهو مندوب، أما الانقباض عن واجب أو مندوب فليس حياء شرعيا، ومنه انكسار النفس وانقباضها عن السؤال في العلم مع الحاجة إلى السؤال.
والحياء الشرعي درجات. أعلاها أن يستحي المتقلب في نعم الله أن يستعين بها على معصيته، وفيه يقول صلى الله عليه وسلم لأصحابه "استحيوا من الله حق الحياء" قالوا: إنا نستحي والحمد لله، فقال: "ليس ذلك، وإنما الاستحياء من الله تعالى حق الحياء أن تحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وتذكر الموت والبلى، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء".
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 - تفاوت مراتب الإيمان.
2 - أن الأعمال مع انضمامها إلى التصديق داخلة في مسمى الإيمان.