(بعيني) بالتثنية وفي رواية بالإفراد والغرض من ذكره الإرشاد إلى أنه تحقق عنده جميع ما أخبر به تحقق من رأى شيئا بعينه لا يعتريه وهم ولا يخالطه شك
(وأنا النذير العريان) النذير المنذر والعريان بضم العين الذي تجرد عن ثيابه قال الطيبي في كلامه تأكيدات (1) قوله بعيني (2) "وإني أنا" (3) قوله "العريان" لأنه للغاية في قرب العدو ولأنه الذي يختص في إنذاره بالصدق والنذير العريان مثل قديم والأصل فيه أن رجلا لقي جيشا فأسروه وسلبوه وجردوه من ملابسه فانقلب إلى قومه فقال إني رأيت الجيش بعيني إني أنا النذير لكم وترونني عريانا إذ جردوني من ملابسي فتحققوا صدقه لأنهم كانوا يعرفونه ولا يتهمونه في النصيحة ولم تجر عادته بالتعري فالتحقق من صدق النذير المشبه به نتيجة لهذه القرائن والتحقق من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم بما أظهره الله على يده من المعجزة القاطعة بصدقه قال العيني وتنزيل الحديث على هذه القصة بعيد والأنسب لأن يتمثل به النبي صلى الله عليه وسلم هو ما كان من عادة العرب من أن الرجل إذا رأى غارة فاجأت قومه وأراد أن يعلمهم يتعرى من ثيابه ليشير بها أنه فاجأهم أمر ثم صار مثلا لكل منذر مما يخاف مفاجأته ويؤيد هذا ما رواه أحمد "خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فنادى ثلاث مرات أيها الناس مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا أن يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم فبينما هم كذلك إذ أبصر العدو فأقبل ليذكر قومه فخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه أيها الناس أوتيتم (ثلاث مرات)
(فالنجاء النجاء) روي بالهمزة فيهما وبالقصر فيهما وبمد الأولى وقصر الثانية تخفيفا وروي بتاء التأنيث والنصب في الكل على الإغراء أي اطلبوا النجاة بأن تسرعوا بالهرب فإنكم لا تطيقون مقاومته والتكرير للتأكيد والفاء فصيحة في جواب شرط مقدر أي إذا صدقتموني فاطلبوا النجاة
(فأطاعته طائفة) الفاء لترتيب الإطاعة على القول وفي رواية "فأطاعة طائفة" بتذكير الفعل لأن الطائفة بعض القوم