بهما ضنين- فصبر عند الصدمة واحتسب لم أرض له ثوابا إلا الجنة فسر الأعمى ذلك وشكر الله
-[المباحث العربية]-
(ابتليت عبدي) المراد من العبد المؤمن بدلالة المقام كقوله تعالى {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} وقوله {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}
(بحبيبتيه) فعلية بمعنى مفعولة أي بمحبوبتيه وقد فسرهما البخاري في آخر الحديث بقوله يريد عينيه قال الحافظ لم يصرح بالذي فسرهما وعزا الشرقاوي تفسيرهما إلى أنس وإنما وصف العينين بهذا الوصف لأنهما أحب أعضاء الإنسان إليه لما يحصل له بفقدهما من الأسف على فوات رؤية ما يريد من خير فيسر به أو شر فيجتنبه
-[فقه الحديث]-
إنما اختار الله هذا النوع من الابتلاء ورتب عليه هذا الجزاء لأنه أشد الأنواع بعد فقدان الدين فقد روي "ما ابتلي عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره ومن ابتلي ببصره فصبر حتى يلقى الله لقي الله تعالى ولا حساب عليه" فإذا صبر العبد على أكبر المصائب كان على ما دونها أكثر صبرا وقد قيد الحديث الجزاء على فقد هذه النعمة بالصبر لأن الأعمال بالنيات فإن لم يستحضر ما وعد الله تعالى به الصابرين من الثواب وأظهر الجزع والضجر فلا ثواب له ويكون شأنه كالبعير يعقله أهله ثم يرسلونه فلا يدري لم عقل ولم أرسل وقد جاء في رواية أخرى للبخاري "إذا أخذت كريمتيك فصبرت عند الصدمة واحتسبت" إلخ فهي تشير إلى أن الصبر النافع هو ما يكون في أول وقوع البلاء فيفوض ويسلم وإلا فمتى ضجر وقلق في أول وهلة ثم يئس فصبر فلا يحصل له الوعد المذكور وفي الحديث إشارة إلى أن ابتلاء الله لعبده في الدنيا ليس من سخطه عليه ولا لهوان شأنه بل إما لدفع مكروه أو لتكفير ذنوب أو لرفع