إن هذه الصفحة القصيرة في تاريخ الفرق الكلامية (وخاصة الأشعرية) ، إنما ذكرتها لأبين: كيف أثر علم الكلام والعلوم العقلية على علوم السنة؟ وكيف دخلت العلوم العقلية هذه على المحدثين علماً طارئاً دخيلاً عليهم وعلى علومهم؟
وقد تبين ذلك
ومع أننا ـ أساساً ـ إنما نؤرخ لمصطلح الحديث، ومع أن ذلك قد يبدو بعيداً عن مذهب عقدي كالأشعرية؛ إلا أن كلامنا عن بداية تغلغل هذا المهذب العقدي في الوسط العلمي، ذلك المذهب المعروف بمنهجه الكلامي في الاستدلال والمناظرة، وبتأثره الكبير بالفلسفة = يظهر (بالتلازم) بداية تغلغل هذا المنهج والأثر في كثير من الأوساط العلمية، بجميع فنونها وعلومها. وليس أدل على ذلك، من وجود أئمةٍ في الحديث.. أشاعرةٍ في الوقت نفسه مع أن ذلك (لولا هذا الواقع الذي أصبح مألوفاً) تناقض، كان من المفروض أن يكون مستحيلاً إلا أن تلك العوامل لوقوع مثل هذا التناقض، هي التي فسرت لنا أسباب وقوعه، ومن قبل: جعلت المستحيل غير مستحيل
وإذا كان (الشافعية أسعد الناس بالحديث) ، وهي عبارة صادقة تعني أن أكثر المحدثين والمصنفين في الحديث وعلومه من الشافعية = فإن الأشعرية أيضاً (من وجه آخر) أسعد الناس بالشافعية. وهذا يبين لك: مقدار الأثر الذي سوف يكون لهذا المذهب العقدي على الحديث وعلومه.
وإن كانا نخص (مصطلح الحديث) بالدراسة، فإنك إذا عرفت أن من أبرز سمات الأشعرية (كما تذكر ذلك دراسة جديدة قيمة) : ضرورة المقدمات المنطقية والعقلية لتحديد (المصطلحات) ، والإحالة عليه عند عرض ما يتعلق بها من