أقرب كتبه إلى مذهب السلف؛ إلا أنه خلال ذلك كله كان إمام المتكلمين، يدافع عن علم الكلام، وله فيه مصنف: (رسالة استحسان الخوض في علم الكلام، والرد على من ظن الاشتغال بالكلام بدعة) (?) .

غير أن موازنة سريعةً بين: مصنفات الأشعري كـ (الإنابة) و (مقالات الإسلاميين) ، ومصنفات متأخري المتكلمين (أشعرية وغيرهم) كـ (شرح المقاصد) للتفتازاني (سعد الدين مسعود بن عمر، المتوفي سنة

793هـ) ، وقبله مؤلفات إمام الحرمين الجويني كـ (الشامل) و (لمع الأدلة) و (الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد) = مثل هذه الموازنة تظهر (من خلال النظرة الأولى) فرقاً واضحاً بين مؤسس المذهب وأتباعه من المتأخرين ‍‍لا في المسائل المقررة فحسب، بل وفي منهج الاستدلال أيضاً ‍‍من حيث إن كتب المتأخرين أغرقت بعيداً في علم الكلام، أكثر من الأشعري إمام المتكلمين في عصره ‍‍‍

ولقد كان لذلك من الأثر، أن كان للأشعرية في انسياقها لعلم الكلام اتجاهان؛ الاتجاه الأول: فيه اعتناء بإثبات مسائله بأدلة الكتاب والسنة، مع الاعتناء بعلم الكلام. وهذا يمثله الأشعرية المحدثون كالبيهقي (أحمد بن الحسين ن المتوفي سنة 458هـ) . والاتجاه الثاني: مغرق في علم الكلام، قليل الاعتناء بأدلة الكتاب والسنة. ويمثل هذا الاتجاه الأشعرية الفقهاء، من أمثال أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني (ت 403هـ) ، وإمام الحرمين الجويني قبل رجوعه إلى مذهب السلف قبيل وفاته (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015