مناهج كتب علوم الحديث (?) أيضاً.
غير أننا لن نستفيد من كلام أهل الاصطلاح الفائدة المطلوبة المتعينة، إلا إذا أحسنا تفهمه، حتى نستوعب معناه تماماً. ولن يتم ذلك إلا بعدم الغلو في تفسيره، وبعدم الجفاء عن فهمه، فإن الغلو أو الجفاء هما سبب انحراف كثيرٍ من المتأخرين عن فهم مصطلح الحديث، مع وقوفهم على كلامٍ لأهل الاصطلاح في شرحه (?) !
حيث إن من وجوه الغلو في فهم كلام أهل الاصطلاح: التعامل معه وكأنه نص كتابٍ أو سنةٍ ثابتة، فيحتج بمفهومه كما يحتج بمنطوقه، ويقاس عليه! ولست أعني أن الاحتجاج بمفوهم كلامهم أو القياس عليه غلط مطلقاً، لكنه ـ أيضاً ـ ليس صواباً مطلقاً.
إن عبارات أهل الاصطلاح في شرح مصطلحهم عبارات سهلة غير معقدةٍ، خرجت على السلفية العربية في يسرها وصفائها، وخرجت أيضاً وفق احتياج سائلٍ، أو بناءً على سياقٍ معين، أو تنبيهاً لأهل عصرهم. ولم يكن يخطر على بالهم أنهم يخاطبوننا، في فقرنا العلمي، وبعدنا عن إدراك علمهم، وتعاور المؤثرات على أساليب تفكيرنا والمعوقات دون فهم كلامهم. فربما عرفوا بمصطلحهم: بضرب مثالٍ له، أو بذكر أهم صوره، أو أكثرها وقوعاً وتحققاً، أو أخطرها في تمييز صحيح السنة من سقيمها. وربما جاء ما يفيد في تعريف المصطلح عرضاً في كلامهم، بذكر حكمه، أو بتفريقه عن مصطلح آخر، أو ببيان تفريعاته وأقسامه.