إِلَيْهِم الْمَظْلُوم إِلَّا رفعت ظلامته وَكَانَ الرجل يَأْتِي من أقْصَى الْبِلَاد حَتَّى يبلغ بَاب سلطانهم فيتنادى بأعلا صَوته يَا أهل الأسلام فيبتدرون إِلَيْهِ وَيَقُولُونَ مَالك مَالك فيدفعون ظلامته إِلَى سلطانهم فينصف بَينه وَبَين ظالمه
وَلَقَد كنت يَا امير الْمُؤمنِينَ أسافر إِلَى بِلَاد الصين وَبهَا ملك قد ذهب سَمعه فَجعل يبكي فَقَالَ لَهُ وزراؤه لابكت عَيْنَاك أَيهَا الْملك مِم بكاؤك فَقَالَ لست أبْكِي على ذهَاب سَمْعِي وأنما أبْكِي لِأَن الْمَظْلُوم يقف بِالْبَابِ يصْرخ فَلَا أسمعهُ ثمَّ قَالَ لَئِن كَانَ ذهب سَمْعِي فَمَا ذهب بَصرِي نادوا فِي النَّاس لَا يلبس ثوبا أَحْمَر إِلَّا مظلوم وَكَانَ يركب فِي كل يَوْم فيله وَيخرج لَعَلَّه يرى مَظْلُوما هَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مُشْرك بِاللَّه تَعَالَى قد غلبت عَلَيْهِ الرأفه على الْمُشْركين وَأَنت مُؤمن بِاللَّه تَعَالَى وَابْن عَم نبيه لاتغلبنك رأفتك بِالْمُسْلِمين على شح نَفسك فَمَا تَقول إِذا نزع الله مِنْك ملك الدُّنْيَا ودعاك إِلَى الْحساب هَل ينفعك النَّدَم إِذا زلت بك الْقدَم قَالَ فَبكى الْمَنْصُور وأعلن بالنحيب ثمَّ قَالَ يَا لَيْتَني لم أخلق ثمَّ قَالَ كَيفَ احتيالي وَلم أر من النَّاس إِلَّا خائنا فَقَالَ الرجل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلَيْك بالأئمة المرشدين قَالَ وَمن هم قَالَ الْعلمَاء قَالَ فقد فروا عني وهربوا مني قَالَ إِنَّمَا فروا عَنْك وهربوا مَخَافَة أَن تحملهم على ماظهر مِنْك من قبل عمالك