فَأَكُون فِي غمار النَّاس فَتَرَكَاهُ وَمضى حَتَّى أَتَى ديرا كَبِيرا كثير الْأَهْل فِيهِ مسَاكِن كَثِيرَة فَقَالَ هَل من منزل فَقيل لَهُ ادخل فَدخل وَاخْتَارَ مسكنا فَكَانَ هُوَ وَابْنَته يعبدان الله تَعَالَى فِيهِ وَكَانَ لأهل ذَلِك الدَّيْر مزرعة وعَلى كل رجل من سكان الدَّيْر حراستها سنة كَامِلَة فبلغت النّوبَة إِلَى الشَّيْخ وَكَانَ مَرِيضا فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِن عُذْري وَاضح فَقَالَت لَهُ ابْنَته يَا ابت انا أخرج عَنْك فَخرجت إِلَى المزرعة وَهِي مستترة فَمَا كَانَ يَرَاهَا النَّاس إِلَّا قَائِمَة تصلي أَو فِي أَمر هِيَ بِهِ مغتبطة قَالَ وَكَانَ بقربهم دير صَغِير ينْسب إِلَى رجل بِعَيْنِه وَكَانَت لَهُ أبنة جميلَة فَجَاءَت تِلْكَ الِابْنَة فاتصلت بهَا وَهِي تظن أَنَّهَا غُلَام فَجعلت تعرض عَلَيْهَا نَفسهَا وَجعلت تِلْكَ تعتصم بهَا من شَرها فَلَمَّا رَأَتْ الْجَارِيَة أَنَّهَا لَا تفعل قَالَت وَالله لاهلكنك ولاهلكن أَبَاك ثمَّ أَنَّهَا ذهبت إِلَى راعي فأمكنت نَفسهَا مِنْهُ فَحملت فَلَمَّا عظم بَطنهَا قَالَ لَهَا أَبوهَا مَا هَذَا قَالَت إِنِّي كنت عِنْد ولد الشَّيْخ مطمئنة إِلَيْهِ لما رَأَيْت من كَثْرَة عِبَادَته واجتهاده وَكَانَ هَذَا مِنْهُ فجَاء أَبوهَا واهل ديره فَأخْبرُوا أهل ذَلِك الدَّيْر الْكَبِير بذلك وَقَالُوا لَا يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا الشَّيْخ وَولده عنْدكُمْ وهموا بِإِخْرَاجِهِ إِلَّا أَنه لشدَّة مَرضه لم يقدروا على ذَلِك ثمَّ توفى الشَّيْخ مَكَانَهُ فَلم يَأْخُذُوا فِي جهازه فَقَالَ علماؤهم إِنَّه لَا ذَنْب لَهُ فاغسلوه وكفنوه وادفنوه واطردوا ابْنه فَلَا يدْخل ديركم فَفَعَلُوا ذَلِك فَقَالَ دَعونِي ابْني لي بَيْتا فِي الصَّحرَاء أحرس نَفسِي فِيهِ من السبَاع فبنت لَهَا بَيْتا فَكَانَت فِيهِ تعبد الله تَعَالَى وتزور قبر أَبِيهَا حَتَّى كَانَت لَيْلَة من اللَّيَالِي مر بهَا رجل من