وصاحبها يَمُوت فمضيا وَأخْبر الْملك بِمَا قَالَا فأحضرهما وسألهما فذكرا لَهُ ذَلِك فَأَطْرَقَ الْملك سَاعَة ثمَّ قَالَ لَهما فَهَل تعرفان دَارا لَا تخرب وَلَا يَمُوت صَاحبهَا قَالَ نعم قَالَ وَأَيْنَ هِيَ فَقَالَا هِيَ دَار الله تَعَالَى رَبنَا وَرَبك وَهِي الْجنَّة الَّتِي يَدُوم نعيمها وَلَا يَزُول ملكهَا قَالَ فصفاها لي فوصفاها لَهُ قَالَ وَبِأَيِّ شَيْء تنَال هَذِه الدَّار فَقَالَا بِعبَادة الله تَعَالَى والانقطاع إِلَيْهِ قَالَ وَكَيف تكون الْعِبَادَة فشرحا لَهُ الدّين فَوَقع فِي قلبه أَنه الْحق فَقَالَ لَهما أقيما عِنْدِي هَذِه اللَّيْلَة حَتَّى أنظر فِيمَا ذكرتماه لي فَإِن أَقمت فِي ملكي جعلتكما وزيرين لَا أعصيكما وَإِن خرجت مِنْهُ تبعتكما على أمركما ثمَّ قَامَ فَدخل على ابْنه لَهُ وَكَانَت عَاقِلَة فهمة فَقص مَا ذكرَاهُ لَهُ
وأخبرهما أَنه تَارِك لملكه وخارج مَعَهُمَا فَقَالَت يَا أبتي تنجي نَفسك وتتركني أهلك قَالَ يَا بنية أَنْت عَورَة فَكيف أصنع بك فَقَالَت إِنِّي أكف شخصي فَلَا يعلم أحد أذكر أَنا أم أُنْثَى قَالَ فاخلعي ثِيَابك واحترمي فَفعلت ذَلِك وَخرجت مَعَ أَبِيهَا إِلَى الرجلَيْن فَقَالَ لَهما سِيرُوا بِنَا مَا دَامَ علينا ظلام اللَّيْل وَهَذَا وَلَدي معي فَسَارُوا حَتَّى قطعُوا الْمَدِينَة وَخَرجُوا مِنْهَا ثمَّ سَارُوا حَتَّى جاوزوا مملكة ذَلِك الْملك ثمَّ سَارُوا حَتَّى بلغُوا إِلَى دير فَقَالَا لَهُ هَذَا موضعنا الَّذِي نعْبد رَبنَا فِيهِ فَدَخَلُوا إِلَيْهِ جَمِيعًا فَأَقَامَ عِنْدهمَا مُدَّة طَوِيلَة يتَعَلَّم مِنْهُمَا الدّين وَأَحْكَام الشَّرِيعَة ثمَّ تجهز لِلْخُرُوجِ عَنْهُمَا فَقَالَا لَهُ مَا شَأْنك هَل آذَاك أحد منا قَالَ لَا وَلَكِنِّي أراكما تكرماني لما كنت فِيهِ من الْملك فَأُرِيد أَن آتِي موضعا لَا أعرف فِيهِ