وأيضا فقد قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك فعقب قوله عن "الذين قبلنا" بقوله: "ألا فلا" بالفاء التي تشعر بأن سبب نهينا عن ذلك لأجل أنهم فعلوه.
وذلك يقتضي أن أعمالهم دلالة وعلامة على أن الله ينهى عنها، وأنها علة مقتضية للنهي.
ونهيه عن اتخاذ القبور مساجد، مع لعنته لليهود والنصارى كثير متواتر حتى عند خروج نفسه الكريمة -بأبي هو وأمي- يوصي بذلك، وإن كان قد ابتلي كثير من هذه الأمة ببناء المساجد على القبور، وكلا الأمرين محرم، ملعون فاعله بالسنة المستفيضة.
وقد صح عنه أنه قال: كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع وهو عام يدخل فيه ما كانوا عليه من العبادات والعادات، مثل دعواهم: يا لفلان ويا لفلان، ومثل أعيادهم وغير ذلك من أمورهم.
ولا يدخل في ذلك ما كانوا عليه وأقره الله في الإسلام كالمناسك ودية المقتول، والقسامة ونحوه؛ لأن أمر الجاهلية معناه مفهوم منه ما كانوا عليه مما لم يقره الإسلام، فيدخل في ذلك ما كانوا عليه وإن لم ينه في الإسلام عنه بعينه.