أما زيارة مقامات الأنبياء والصالحين - وهي الأمكنة التي أقاموا فيها، لكنهم لم يتخذوها مساجد - فالذي بلغني عن العلماء قولان:
أحدهما: النهي عن ذلك.
والثاني: أنه لا بأس باليسير من ذلك، كما نقل عن ابن عمر أنه كان يتحرى قصد المواضع التي سلكها النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان النبي سلكها اتفاقا، لا قصدا.
قال سندي: سألنا أبا عبد الله عن الرجل يأتي هذه المشاهد، ويذهب إليها ترى ذلك؟
فقال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته حتى يتخذه مصلى وعلى ما كان يفعله ابن عمر يتتبع مواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأثره فليس بذلك بأس أن يأتي الرجل المشاهد؛ إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جدا. فقد فصل أبو عبد الله بين ما يتخذ عيدا وبين ما يفعل نادرا قليلا، وهذا فيه جمع بين الآثار.
وروي عن عمر أنه رأى الناس ابتدروا المسجد فقال: "ما هذا"؟.
قالوا: مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: "هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا، من عرضت له منكم الصلاة فليصل، ومن لم تعرض له فليمض" فكره عمر اتخاذ مصلى النبي صلى الله عليه وسلم عيدا.