إن المشاركة في الهدي الظاهر يورث تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب أهل العلم مثلا يجد من نفسه نوع انضمام وانقياد إليهم، وكذلك اللابس لثياب الجند المقاتلة يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه متقاضيا لذلك إلا أن يمنعه من ذلك مانع.

ومنها أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين، وكلما كان القلب أتم حياة كان أبعد عن أخلاق اليهود والنصارى ظاهرا وباطنا.

ومنها أن مشاركتهم في الهدي الظاهر موجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهرا بين المهتدين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية.

هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحا لو تجرد عن مشابهتهم.

فأما إن كان من موجبات كفرهم، كان شعبة من شعب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم، فهذا أصل ينبغي أن يتفطن له اللبيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015