وأما مشابهة الفرس والروم، فقد دخل منه في هذه الأمة من الآثار الرومية قولا وعملا والآثار الفارسية قولا وعملا، ما لا خفاء فيه على مؤمن عليم.

وليس الغرض تفصيل الأمور التي وقعت مضارعة لطريقة المغضوب عليهم أو الضالين، وإن كان بعض ذلك قد يقع مغفورا لصاحبه: إما لاجتهاد أخطأ فيه، أو لحسنات محت عنه، أو غير ذلك، وإنما الغرض أن نبين ضرورة العبد وفاقته إلى هداية الصراط المستقيم، وأن ينفتح باب إلى معرفة الانحراف؛ فتحذره -إن شاء الله-.

ثم الصراط المستقيم هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك، وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال قد تكون عبادات، وقد تكون عادات، في الطعام واللباس والنكاح والمسكن والاجتماع والافتراق والسفر والإقامة، وهذه الأمور الظاهرة والباطنة بينهما ارتباط ومناسبة، فما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعورا وأحوالا، وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنته وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له، فكان من هذه الحكمة أن شرع له من الأقوال والأعمال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين، وأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر، وإن لم يظهر لكثير من الخلق في ذلك مفسدة؛ لأمور منها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015