وقَالَ سُفْيَانُ أيضًا: "مَا أخَافُ مِنْ عُقُوْبَتِهِم، إنَّما أخَافُ مِنْ كَرَامَتِهِم! " (?).
ولِهَذَا قَالَ الإمَامُ أحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: "فِتْنَتِي بالمتوَكِّلِ أعْظَمُ مِنْ فِتْنَتِي بالمُعْتَصِمِ! " يُشِيرُ إلى الإكْرَامِ (?).
ورَحِمَ اللهُ ابنَ عَبْدِ البَرِّ إذْ يَقُوْلُ في "جَامِعَ بَيَانِ العِلْمِ" (1/ 644) عَنْ مَجَالِسِ أمَرَاءِ العَدْلِ والفَضْلِ: "الفِتْنَةُ فيها أغْلَبُ، والسَّلامَةُ مِنْها تَرْكُ مَا فيها".
ومَا ذَكَرْنَاهُ هُنَا؛ مِنْ عَدَمِ الدُّخُوْلِ عَلى السُّلْطَانِ فَلَيسَ بِدَعًا مِنَ القَوْلِ ولا هُجْرًا، ومَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرى، بَلْ هُوَ مِنْ جَادَّةِ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ وأئِمَّةِ الدِّينِ، وإنْ كَانَ للدُّخُوْلِ عَلَيهِم مِنْ حَتْمٍ أو مَنْدُوْحَةٍ عَلى بَعْضِ أهْلِ العِلْمِ؛ فكَما يَلي:
أوَّلًا: أنْ يَكُوْنَ الدُّخُوْلُ عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ بَابِ أمْرِه بالمَعْرُوْفِ، ونَهيِهِ عَنِ المُنْكَرِ، وإلَّا.