ولا يَهُوْلنَّكَ يا طَالِبَ العِلْمِ مَا هُنَالِكَ مِنْ نَوَابِتَ نكدَةٍ لَم تَزَلْ تَسْعَى جَاهِدَةً في إحْيَاءِ مُخَالَفَةِ مَسَالِكِ عُلَمَاءِ السَّلَفِ الصَّالِحِ في الدُّخُوْلِ عَلَى السَّلاطِينِ والأمَرَاءِ، وذَلِكَ بدَفْعِ طُلابِ العِلْمِ إلى مَرَاتِعِ الشَّهَوَاتِ، ومَهَالِكِ الشُّبُهَاتِ؛ ليَهِيمُوا في "وَادِي تُضُلِّلَ"، مِمَّا قَدْ تَعْصِفُ بِمَا بَقِيَ مِنْ عِزَّةِ أهْلِ العِلْمِ!
وذَلِكَ مِنْ خِلالِ دَعَوَاتٍ عَرِيضَةٍ (مَرِيضَةٍ!)، وتَصَانِيفَ بَتراءَ دَاعِيَةً مَضَامِينُها وعَنَاوِينُها إلى الدُّخُوْلِ عَلَى الأمَرَاءِ والسلاطِينِ، ولَوْ بِشَرْطِ: الأمْرِ بالمَعْرُوْفِ، والنَّهْيِ عَنِ المُنكرِ!، فاحْذَرْ يا طَالِبَ العِلْمِ، وانْجُ بِعِلْمِكَ، وفِرَّ بدِينِكَ فإنَّه رَأسُ مَالِكَ، واعْلَمْ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ كَانَ عِنْدَ السَّلَفِ عَزِيزًا عَسِيرًا، أمَّا اليَوْمَ فأدْعِيَاءُ الشَّرْطِ كَثِيرٌ، والعَامِلُوْنَ بِه نَزْرٌ يَسِيرٌ، لا يَتَجَاوَزُوْنَ أصَابع اليَدِ الوَاحِدَةِ!
* * *
ويَكْفي هُنَا مَا ذَكَرَه ابنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: "فَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ يَنْهَوْنَ عَنِ الدُّخُوْلِ عَلَى المُلُوْكِ لمَنْ أرَادَ أمْرَهُم بالمَعْرُوْفِ ونَهْيَهُم عَنِ المُنْكَرِ أيضًا، ومِمَّنْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ، وابنُ المُبَارَكِ، والثَّوْرِيُّ، وغَيرُهُم مِنَ الأئِمَّةِ.