الوصية بهم تعني أنهم سيبقون أنصارا في كل وقت كما تقول الرواية الأخرى إن الناس يكثرون، وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام.

وكانت الخطوة الحاسمة الثالثة أن دعا أبو بكر رضي الله تعالى عنه للبيعة لأحد الرجلين ثم رست البيعة عنده وبايعه المهاجرون والأنصار البيعة الخاصة في السقيفة، ثم كانت البيعة العامة في المسجد.

إن اختيار القيادة بين الأقران من أعقد الأمور وفي أكثر النظم ديمقراطية نجد الاختبار يأخذ سنة وسنتين حتى ينجلي الأمر وسقوط القيادة المفاجىء كثيرا ما يوقع الصراع بعد ذلك وتتحكم مراكز القوى فيها وقلما يصل الأكفاء بعد سقوط القيادة أما إذا كانت القيادة تاريخية وكانت عبقرية فالصراع يكون أشد بل يصل في مثل هذه الظروف أضعف المرشحين لأن الأقوياء لا يتنازلون فكيف إذا كانت القيادة هي خير أهل الأرض وسيد ولد آدم وخير الثقلين الجن والإنس كيف يكون الأمر بعد ذلك؟

إن سرعة اختيار الخليفة التي لم تتجاوز ساعات قلائل بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدل دلالة واضحة على قوة هذا الصف وسلامته وانصهار لحمته، وكلما كان الصف ضعيفا ممزقا كلما كان اختيار القيادة صعبا عسيرا ولقد شهدنا بعض فصائل الحركة الإسلامية المسلحة عقب محنة ضخمة زلزلتها أن القيادة المنتخبة انحنت مرات أمام العاصفة، أمام العواطف المتوترة، وسقطت هذه القيادة أربع مرات خلال سنتين متتاليتين.

وحين نضع الصورتين قبالة بعضهما بعضا نشعر بعظمة التحام الصف، والتئامه وتشابكه بحيث يستحيل فك اشتباكه.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015