جويرية بنت الحارث: وهي ابنة سيد بني المصطلق، وكان زواجها سببا في فداء أهلها وقبيلتها من الأسر، ثم سببا في إسلام قومها، ونستمع إلى أثر هذا الزواج عند ابن إسحاق رحمه الله: قال ... وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تزوج جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار فقال الناس: أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأرسلوا ما بأيديهم.

قالت: (أي عائشة: فلقد اعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق , فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها) (?).

صفية بنت حيي: وهي ابنة حيي بن أخطب أكبر أعداء الإسلام وقد قتل في بني قريظة لكن الزواج من صفية فيما بعد كان له آفاق أبعد وأعمق. إذ أنه ربط أهل الكتاب برابطة المصاهرة وعندما كانت عائشة رضي الله عنها تعير صفية بأنها من سلالة يهود كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغضب ويقاطعها ويقول لصفية قولي لها أن أبي موسى وعمي هارون.

وهذا العمل الاجتماعي الضخم يعني كثيرا في مفهوم الدعوة. ويعني أن التعايش بين المسلمين وبين أهل الكتاب قائم. ولو أدى إلى نكاح نسائهم. فالمرأة حين تعيش الإسلام سوف يصفو قلبها بعد وتدخل في الإسلام كما يتآلف قلب طائفتها في هذا المجتمع.

وعلى غرار هذا المستوى كان زواج رسول الله من مارية القبطية والتي ربط زواجها بأمة كاملة إذ قال:

(استوصوا بالقبط خيرا فإن لي فيهم نسبا وصهرا).

وقد أثرت هذه الدعوة فيما بعد وحدت بأهل مصر أن يدخلوا في دين الله أفواجا حين رأوا حسن معاملة المسلمين لهم تنفيذا لوصية رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكان من حكمة الله تعالى في هذا الأمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرزق ولدا بعد خديخة إلا من مارية رضي الله عنها. وكان ولده إبراهيم قد استأثر بحب النبي - صلى الله عليه وسلم -. أكبر استئثار ولم يتمالك عليه الصلاة والسلام من القول بعد وفاته:

(إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزنون).

وتدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب. وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015