2 - ومع ذكر النعمة فلا بد من استعادة ذلك الجو الصعب، والظرف الدقيق، والحظر الداهم الذي نزل بالمسلمين. وكيف وصلوا إلى حالة قريبة من اليأس {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا}.
3 - ثم التميز المطلوب بعد كل محنة، وفضيحة المنافقين وحصرهم، وفرارهم من المعركة بحجة أن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا}.
4 - ثم الثناء العطر على المؤمنين بثباتهم على الحق وإخلاصهم لله. {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}.
5 - ثم فضل الله تعالى على المؤمنين، من مرحلة {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا} أقول من هذه المرحلة إلى مرحلة: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا كفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا (1)}.
لقد كانت آياث سورة الأحزاب. تشيع الجو النفسي الجديد، بارتفاع المحنة، وكشف الغمة، وتضع معالم المرحلة القادمة من النصر المؤزر الذي افتتح بالقضاء على يهود بني قريظة فضاء تاما، ووراثة أرضهم وديارهم وأموالهم، وشتان ما بين حصار وحصار. حصار بني قريظة الذي انتهى {فريقا تقتلون وتأسرون فريقا} وحصار المؤمنين الذي انتهى، {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال ..}.