يحرص على أن يبث عملاءه في الصفوف ليؤكدوا أن الحرب والدماء والخوف قد نشأ من وجود المجاهدين وعملياتهم ضد السلطة الباغية، وحرص عوام الناس على أمنهم ومصالحهم القريبة يدفعهم إلى الاستجابة لمثل هذه الدعايات، وأن يقفوا في صف السلطة الباغية ضد إخوتهم المجاهدين، وبهذا المنطق استطاع عبد الله بن أبي أن يجمع هؤلاء الناس ويحرضهم على حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
السمة السادسة
تفتيت التجمع بالنزعة الوطنية والعشائرية
(... فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيهم فقال: لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم. فلما سمعوا ذلك من النبي تفرقوا (?)). وكم نحن بحاجة إلى الوقوف أمام هذا المعنى، وهو المعنى الذي يمكن أن نسميه فقه سياسة النبوة. لقد كان لهذا الموقف صورة مشابهة نقلها لنا البخاري رحمه الله حول الصورة السابقة من لقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الله بن أبي.
وفي الرواية (... وأردف أسامة بن زيد وراءه وفيه ... وذلك قبل وقعة بدر وقبل أن يسلم عبد الله، وفيه: فلما غشيت القوم عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه وقال: لا تغيروا علينا، وفيه: فاستب المسلمون والمشركرن واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخففهم حتى سكنوا. وفيه: قال سعد بن عبادة: اعف عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك، فذلك الذي فعل به ما رأيت فعفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?).