وفي هذا الحديث معنى آخر: وهو أن إجابة الدعاء للمصر على الذنب يكون تعريضا عاجلا له من الثناه على الله، فيخرج دعاؤه كذلك من جملة العبادات التي يثاب عليها في الآخرة، وينزل ذلك منزلة رد بنائه عليه التي يتداعى فإن دعاءه يكتب له عبادة حسنة، وأقل جزاء: الحسنة عشر أمثالها، يتعجل منها الإجابة ثم يكون ما وراءها مدخرا له إلى يوم القيامة.

وأما الفصل الثاني: فقد جاء عنه فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(إن الله يحب الصالحين في الدعاء) وأنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل أو ساهي) وإنه صلى الله عليه وسلم قال (إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه لكي يسمع تضرعه) أي يجيب دعاءه، ويثيبه بتضرعه.

وفي هذا بيان التضرع من آداب الدعاء والله أعلم.

وأما الفصل الثالث: فقد جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سره أن يستجاب له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء).

ويحتمل أن يكون الدعاء في الرخاء بدل الثناء والشكر والاعتراف بالمنن ومسألة التثبت والتوفيق والمعونة والتأييد والاستغفار لغواهم، والتقصير فإن العبد وإن جهد لم يوف ما عليه من حق الله تعالى بتمامه.

وأما الفصل الرابع: فقد جاء فيه عن النبي: (إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء. فإن الله لا يشكره له) وجاء أنه قال: (فليعزم في الدعاء ولا يقبل اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم اعطني إن شئت، وليسل مسألته عزما، فإن الله يشكره).

ومعنى هذا: إن من سأل آدميا مثله فإنما يقول: إن رأيت وإن أملت وليتك، فقلت لا تقدر في المسؤول كراهيه، ويخش إن عزم عليه أن يحمله الحياء، أو معنى سؤاله على إجابة، وهذا لا يليق بالباري عز وجل، لأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015