البحار فجرت}. وقال في آية أخرى: {وإذا البحار سجرت}. فقيل: إن معنى سجرت وفجرت واحد. وقبل: معنى سجرت أمحيت. فمن قال معنى سجرت وفجرت واحد، قال يحمل ذلك وجهين: أحدهما أن الأرض والجبال إذا حملتا ودكتا فقد يمكن أن تصير فيها أخاديد عظيمة تفجر إليها مياه البحار.

وقيل: معنى فجرت، تفجر بعضها في بعض، وترتفع الحواجز التي بينها اليوم، وأي واحد من هذين، قيل: فإن مرجعه إلى أن البحار إذا أخليت من المياه، أبرز مكانها نار مخلوقة تحتها، ملأت البحار ملء المياه إياها، وذلك هي جهنم. وأرض البحار أطباق لها، فإذا كشف الغطاء برزت، فذلك قوله: {وبرزت الجحيم لمن يرى} وأما من قال: سجرت، أحميت، فإنه يقول: معناه أن البحار تقلب نارا وكذلك عند تكوين الشمس كما سنبينه.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يركبن أحد البحر إلا حاجا أو معتمرا، أو مجاهدا في سبيل الله، فإن تحت البحر نار ثم مجرثم نار حتى عد سبعة أبحر وليس المعنى في السبعة أنها محاذية تحاذي الأطباق، ولكنه أن كل بحر من البحار التي على وجه الأرض تحته نار ثم العطف ها هنا لا للترتيب.

وروى يعلى ابن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البحر هي جهنم) فقيل له في ذلك فقال: "نار (أحاط بهم سرادقها) ثم قال يعلى: لا تصيبني منه قطرة حتى أعرض على الله، ولا أدخله حتى ألقى الله. وهذا إلى قول من يقول: أن البحر تقلب نارا أقرب.

وقد قيل في معنى قوله عز وجل: {وإذا البحار سجرت} قلبت، وقد يحتمل أن تنشق أرضها الماء، فكان الماء نارا، ويحتمل أن تقلب المياه نيرانا، ويزداد فيها فيزداد أمثلا والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015