فأما تلك الصفة فمنها الاندكاك، ومنها تصير كالعهن المنفوش، ومنها أن تصير هباءا منبثا، ومنها أن تنسف، ومنها أن تمر مر السحاب، ومنها أن تسير فتكون سرابا. فيحتمل- والله أعلو- أن يكون أول أحوالها الاندكاك، وذلك من قبل الزلزلة.

والحالة الثانية أن تكون كالعهن المنفوش، وذلك إذا صارت السماء كالمهل، وقد جمع الله تعالى بينهما في موضع فقال: {تكون السماء كالمهل، وتكون الجبال كالعهن}.والحال الرابعة: أن تنسف لأنها مع الأحوال المتقدمة بارزة في مواضعها، والأرض تحتها غير بارزة، فتنشق عنها لتبرز، فإذا انشقت فبإرسال الرياح عليها،

والحال الخامسة أن الرياح ترفعها هن وجه الأرض، فتذرها شعاعا في الهواء كأنها غبار فمن نظر إليها من بعد حسها ليحسبها أجسادا خامدة، وهي بالحقيقة مارة، إلا أن مرورها مرور الرياح مندكة متنقبة.

والحال السادسة أن تكون سرابا يعني لا شيء، فمن نظر إلى مواضعها لم يجد فيها شيئا منها، كما أن من يرى السحاب من بعد إذا جاء الموضع الذي كان يراه فيه لم يجد شيئا، والله أعلم.

فصل

قد وصف الله تبارك وتعالى هذا اليوم بأن العشار تعطلت فيه، كما وصفه بأن كل مرضعة تذهل فيه عما أرضعت، ومعنى ذلك- والله أعلم- أنهم إذا قاموا من قبورهم وشهدوا بعضهم بعضا ورأوا الوحوش والدواب محشورة، وفيها عشائرهم التي كانت أنفس أموالهم، لم يعبأوا بها ولم يهمهم أمرها، ويحتمل تعطل العشار، وإبطال الله تعالى أملاك الناس عما كان ملكهم إياها في الدنيا وأهل العشار يرونها لا يجدون إليها سبيلا والله أعلم.

فصل

ووصف الله تعالى هذا اليوم بأن البحار تسجر وتفجر منه، فقال في سورة: {وإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015