وأما جبريل وميكائيل فمن الصافين المسبحين حول العرش، فإذا كان العرش فوق السموات لم يكن الاصطفاف حوله في السموات.
وكذلك القول الثاني لأن الولدان والحور في الجنة والجنان، وإن كانت بعضهما أرفع من بعض فإن جميعها فوق السموات دون العرش وهي بإنفرادها عالم مخلوق للبقاء فلا شك أنها بمعزل عما خلف للفناء والله أعلم.
وأما صرف الاستثناء إلى موسى صلوات الله عليه فلا وجه له، لأنه قد مات بالحقيقة، فلا يموت عند نفخ الصور ثانية، فلهذا لم يعد في ذكر اختلاف المتأولين بالاستثناء بقول من قال: إلا ما شاء الله، أن الذي موتهم قبل نفخ الصور، لأن الاستثناء غنما يكون لمن يمكن دخوله في الجملة. فما من لا يمكن دخوله فيها فلا معنى لاستثنائه منها، والذين ماتوا قبل نفخ الصور ليس بغرض أن يصعقوا، فلا وجه لاستثنائهم، وهذا في موسى صلوات الله عليه موجود، فلا معنى لاستثنائه والله أعلم.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر موسى ما يعارض الرواية الأولى وهو أن قال: "إن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من يفيق، وإذا أنا بموسى أخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي، أو جرى بصعقة الصور".
فظاهر هذا الحديث أن هذه صعقة عيسى يوم القيامة لا صعقة الموت الحادث عن نفخ الصور. فإذا حمل الحديث عليها، فذاك. وإن حمل على صعقة الموت عند نفخ الصور وصرف ذكر القيامة، إلى أنه أراد أوائله، قيل المعنى أن الصور إذا نفخ فيه أخرى كنت أنا أول من يرفع رأسه، فإذا موسى أخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أو جرى بصعقة الصور، أفلا أدري أن بعثة قبلي كان برسالة، وتفضيلا من هذا الوجه كما فضل في الدنيا بالتكلم، أو كان جزاء بصعقة الطور، وقدم بعثه على بعث الأنبياء الآخرين بقدر صعقته عندما تجلى به الجبل إلى أن أفاق ليكن بهذا جزاء له بها، وما عداها فلا يثبت والله أعلم.
فأما الملائكة الذين ذكرناهم فإنا لم ننف عنهم الموت وإنما أثبتنا أن يكونوا هم