وكان معي ليلتئذ جماعة ما بين شريف وفقيه وكاتب وغيرهما من طبقات الناس، وكل رأي ما رأيت.

وأخبرني من وثقت به، منطان خبره عندي كعيان: أنه رأى الهلال وهو انب ثلاث منشقا بنصفين، وإذا كان هذا هكذا، ظهر أن قول الله عز وجل: {وانشق القمر} إنما هو على الانشقاق الذي هو من أشراط الساعة دون الاشتقاق الذي جعله الله تعالى آية لرسوله صلى الله عليه وسلم وحجة أهل مكة وبالله التوفيق.

فصل

وإذا انقضت الأشراط وجاء الوقت الذي يريد الله تعالى إماتة الأحياء من سكان السموات والبحار والأرضين، أمر إسرافيل وهو أحد حملة العرش وصاحب اللوح المحفوظ ينفخ في الصور. وفي بعض روايات العرب، يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كيف أنعم الله أو قال كيف أضحك، وصاحب القرن قد التقمه، وحتى ظهره ينتظر متى يوم ينفخ، فإذا نفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض، إلا من شاء الله).

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه أن الاستثناء لأجل الشهداء فإن الله عز وجل يقول: {أحياء عند ربهم يرزقون} وهذا مما لا تحتمل الأمة غيره، لأن من خالف هذا القول زعم أن الاستثناء لأجل الشهداء وحملة العرش وجبريل وميكائيل وملك الموت. أو زعم أنه لأجل موسى صلوات الله عليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أول من تنشق الأرض عنه، فأرفع رأسي، فإذا موسى متعلق بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي إذ كان ممن استثنى الله تعالى). وشي من هذه الأقوال يصح.

أما الأول فلأن حملة العرش وجبريل وميكائيل ليسوا من سكان السموات ولا من سكان الأرض، لأن العرض فوق السموات كلها، فكيف يكون حملته في السموات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015