فإن قيل: فإن مسيلمة قد ادعى أن يأتي بمثل هذا القرآن، وقال: لقد أنعم الله على الحبلى إذا خرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشاء، وقال: يا ضفدع نقي كم تنقين فلا الشراب تمنعين ولا الماء تكدرين، وقال: الفيل وما الفيل، وما أدراك ما الفيل، له ذنب طويل، وشفر وثيل، وإن ذلك من خلق لقليل، وعارض سورة الكوثر فقال: إنا أعطيناك الجماهر فصل لربك وجاهر، إن عدوك هو الكافر.
فالجواب: إن كل ما جاء به مسيلمة فلا يعدو أن يكون بعضه محاكاة وسرقة وبعضه كأساجيع الكهان وأراجيز الأعراب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما هو أحسن منها لفظاً وأقوم معنى وأبين فائدة، ثم لم يقل له العرب ها أنا محداث على الآثات بمثل القرآن، ويزعم أن الجن والإنس لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثله لا يقدرون عليه، ثم قد جئت بمثله مفترى أنه ليس من عند الله وذلك قوله عليه السلام: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب).
وقوله: (والله، لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا، فأنزلن سكينة علينا، وثبت الأقدام أن لاقينا). وقوله: (اللهم إن العيش عيش الآخرة، فأرهم الأنصار والماجرة).
وقوله: (تعس عبد الدنيا وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي منها رضي، وإن لم يعط سخط وتعس وانتكس، وان شيك فلا انتقش). ولم يدع أحد من العرب أن شيئا من هذا يشبه القرآن وإن فيه كثيرا، لقوله: إن أحداً لا يقدر على الإتيان بمثله.
وقد جاء أن سيف بن ذي يزن، لما ظهر على الحبشة وقصده عظماء قريش بالتهنئة، وكان رأسهم عبد المطلب خلا سيف به وبشره بالنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إذا ولد مولود