شاء الله تعالى لم يفعل ذل به إلا ليكذبه ويجعله نكالا وموعظة لغيره.

فلذلك ينبغي أن يقال: أنه إذا ادعى النبوة وسأل الله أنه إن ما سعف جوابه سؤاله بما تعجز الإنس والجن عن مثله، أو كانت دعواه مقرونة بمعجزة وجب أن يعلم أن الله عز وجل لم يخصصه بها إلا ليدل على صدقه هذا، والكذب على الله والافتراء عليه بدعوى الرسالة من عنده من أعظم الجنايات فلا يليق بحكمة الله أن يظهر على من يعاطى ذلك واجترائه عليه آية ناقصة للعادات، براءة تستظهر بها على كذبه، وبراءة تستظهر بها على كذبه، فيفتتن العباد به، وتظهر في البلاد العبر العظيمة منه، ولا يؤتيه آية إذا سأله قومه إياها، سلبه سمعه أو بصرهن فإن فعل هذا بالصادق في السفير عنه والحث على خلافه لفعل الأول بالكاذب في التسكين إليه والتحريض على اتباعه.

وقد نزل الله تعالى من هذا الصنع نصاً في كتابه فقال- يعني نبيه صلى الله عليه وسلم: {ولو تقول لعينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين {. وقال في الدلالة على صدقه: {أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون {.

فثبت أن الله عز وجل لا يمد الكاذب المفتعل بما يكون سبباً لاعتزاز الناس به، كما لا يخذل الصادق المحق ولا يصنع به ما يكون سببا لانحراف الناس عنه، وبالله التوفيق.

وكل آية أتاها الله رسولا، فإنه يقدر بها عن الرسول أولا أنه رسول حقا، ثم عند غيره، وقد يجوز أن يخصه بأ، هـ يعلم النبي بها نبوة نفسه، ثم يجعل له على قومه دلالة سواها. وفي الجملة، فإنما يعلم النبي نبوة نفسه اكتسابا لا ضرورة، ويكون متعبداً بالإيمان بنفسه، وذلك في الأخبار المروية عن نبينا صلى الله عليه وسلم من أول مبعثه إلى أن قوى الأمر وعلا ظاهراً بينا.

فصل

ومعجزات الرسل صلوات الله عليهم كانت أصنافا كثيرة، ولم يبلغنا عن الذين سبقوا إبراهيم صلوات الله عليهم أن معجزاتهم ما كانت وكيف كانت، ونعلم في الجملة أنهم لم يخلوا من أن يكونوا قد خلوا أقوالهم بما ألزموهم به الحجة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015