جانبه، ويفرغ من ذلك الوعيد قلبه. فالوعيد الواقع من الله عز وجل أحق أن يشغل عن اللذات ويلهي عن الطيبات، إذ وعيده واقع بما لا طاقة لأحد به، ولا صبر لبدن عليه والله أعلم.

والآخر: أن النعم المباحة مقتضية ممن ينعم بها شكرًا يقضي حقها، ولا شك في قوى العباد عن مقابلتها عن الشكر بما يكون لها توًا، فكان الاستمتاع بها مع قلة الحمل بحقها استهانة لها، وإعفاء عن حق موليها المنعم بها وذلك خيانة. فإنما روى أهل البصائر والإعراض عنها لئلا ينقلب النعمة عليهم نقمة، ولا تتبدل المنحة محنة. وذلك رأي لاحق لا يلام من وقع له فعمل به والله أعلم.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سلوا الله أن يرزقكم يومًا بيوم ولا عليكم أن يكثر لكم.

ومما جاء في قصر الأمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن آدم عليه السلام قبل أن يصيب الخطيئة كان أجله بين عينية وأمله خلف ظهره، فلما أصاب الخطيئة جعل أمله بين عينيه، وأجله خلف ظهره). وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، ما يكفيني من الدنيا قال: (ما سد جوعك، ووارى عورتك، ومنزل يظلك وإن كانت لك دابة تركبها) وفي رواية أخرى (وإن كان لك خادم يخدمك فذلك).

سئل الزهري رضي الله عنه عن الزهد في الدنيا فقال: أن لا يغلب الحلال شكره ولا الحرام صبره. أي لا يقصر في شكر الحلال إذا أصابه ويصير عن الحرام إذا أشبهناه ولا نواقعه. وقال أبو عبيدة الباهي دخلنا على الحسن نعوذه في مرضه قال: مرحبًا بكم وأهلًا، حباكم الله بالسلامة، وحبتنا وإياكم دار السلام، هذه علانية إن صبرتم وصدقتم واتقيتم، لا يكونن حظكم من هذا الخير، رحمكم الله أن تسمعوه بهذا الأذى. ويخرج من هذا الأذن، فإنه من رأى محمد صلى الله عليه وسلم فقد رآه غاديًا رائحًا لا يضع لبنة على لبنة ولا فضة على فضة، ولكن رفع له علم فشمر إليه الوجاء الوجاء، ثم النجاء النجاء على ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015