جاء شقيق عارضا رمحه ... إن بني عمك فيم رماح1

فشقيق هذا لا ينكر أن في بني عمه رماحا، بل إنه ليعلم ذلك بحكم الجوار، أو بحكم الخصومة القائمة بين الطرفين، لكن مجيئوه على هذه الصورة، واضعا رمحه عرضا من غير تهيؤ واستعداد، شأن الصلف، المزهو بنفسه، المدل بقوته جعله في منزلة المنكر أن في عمه من يستطيع نزاله في ميدان القتال، إذ لو كان معترفا بذلك لجاء على هيئة المستعد للقائهم، المتهيئ لقتالهم2.

فعدم الإنكار فيما مثلنا "أولا وثانيا" ظاهر حال المخاطب، وهو أمر ثابت فيه ووصف له في الواقع يقتضي أن يلقي إليه الكلام خلوا من التأكيد، بل يقتضي ألا يلقي إليه الخبر أصلا لعلمه بالحكم الذي تضمنه، لكن المتكلم غض النظر عن هذا الظاهر، واعتبر في المخاطب أمرا آخر ليس متحققا فيه، ولا وصفا له هو "الإنكار" لما بدا عليه من أماراته، وخوطب خطاب المنكر حقيقة على غير ما يقتضيه ظاهر حاله كما تراه في البيت، وفي المثال قبله.

4- تنزيل المتردد في الحكم منزلة المنكر كما في قولك: "إن أخاك لناجح" لمن يتردد في نجاح أخيه، ولكنه يرجح عدم نجاحه، فهذا القول خبر وقد ألقي للمتردد مؤكدا تأكيدا يناسب المنكر للحكم تنزيلا له منزلته -ذلك أنه لما غلب على رأيه عدم نجاح أخيه صار بمثابة المنكر لنجاحه، واستحق أن ينزل منزلة المنكر في الخطاب- فالتردد حال ظاهرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015