أن يلقى إليه الخبر خلوا من التأكيد, لكن المتكلم صرف النظر عن هذا الظاهر المتحقق، واعتبر في المخاطب أمرا آخر غير متحقق فيه، وذلك هو التردد لما قدم له من الكلام الملوح للخبر، وعامله في الخطاب معاملة المتردد, ومثله قوله تعالى خطابا لنوح عليه السلام: {وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} فقوله: {وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} مشعر بأن سيحل بقومه العقاب1، فصار نوح عليه السلام في مقام المتردد في نوع هذا العقاب لهذا نزل منزلة المتردد، وخوطب خطابه.
3- تنزيل العالم بالحكم منزلة المنكر إذا ظهر2 عليه شيء من أمارات الإنكار3 وحينئذ يؤكد له الكلام كما يؤكد للمنكر حقيقة كما إذا كان المخاطب مسلما تاركا للصلاة، أو معاقرا للخمر، فتقول له مؤكدا: "إن الصلاة لواجبة، أو إن الخمر لحرام"، فالمخاطب بحكم إسلامه يعلم قطعا بوجوب الصلاة، كما يعلم بحرمة الخمر، ولا ينكر ذلك، لكن تركه للصلاة، أو معاقرته للخمر جعله في منزلة المنكر ذلك إذ لو كان يؤمن حقا بوجوب الصلاة، أو بحرمة الخمر لما خالف أمر الله فيهما، لهذا خوطب خطاب المنكر خروجا بالكلام عن مقتضى ظاهر حاله -ومنه قول حجل4 بن نضلة القيسي.