نسبة كلامية، وباعتبار حضوره بذهن المتكلم يسمى نسبة ذهنية، وباعتبار قيامه بالنفس، واتصافها به يسمى نسبة خارجية1.

وإذ علمت ذلك فالكلام باعتبار هذه النسبة نوعان- خبر وإنشاء، وقد وضح لك ذلك من الأمثلة المذكورة, وتحقيق الفرق بينهما من وجوه:

الأول: أن الخبر قول يحتمل الصدق والكذب لذاته أي: هو ما يصح أن يقال لقائله: إنه صادق فيه أو كاذب, فقولك: "علي شاعر" خبر إذ يحتمل في الواقع أن يكون شاعرا، فيكون الخبر صادقا، وألا يكون شاعرا فيكون الخبر كاذبا, وأما الإنشاء فقول لا يحتمل صدقا ولا كذبا لذاته أي: لا يجوز أن يقال لقائله: إنه صادق فيه أو كاذب, فقولك: "اكتب يا علي" إنشاء معناه: طلب الكتابة منه، ولا يتعلق بهذا الطلب صدق ولا كذب؛ لأنهما من خواص الصيغ الحاكية لنسب حاصلة.

الثاني: أن الخبر لا يتوقف حصول مدلوله على النطق به, فقولك: "محمود جواد" خبر لأن مدلوله، وهو ثبوت الجود له حاصل -سواء نطقت بهذا الخبر أو لا- أما الإنشاء: فمدلوله متوقف على حصوله على النطق بصيغة الطلب، فقولك: "أقبل يا سعيد" إنشاء لأن مدلوله وهو حصول الإقبال منه متوقف على النطق بهذا الطلب.

الثالث: أن مدلول الخبر -وهو ما يسمى بالنسبة الكلامية- يراد به أن يكون حكاية عن أمر حاصل في الواقع، وهو ما يسمى بالنسبة الخارجية، فقولك: "سعيد كريم" أو سعيد ليس بكريم" خبر لأنه قصد به أن يكون حكاية عن ثبوت الكرم لسعيد، أو عن عدم ثبوته له في الخارج بمعنى: أن في الواقع شيئا هو ثبوت الكرم لسعيد أو عدم ثبوته له، وقد قصد بهذا القول حكايته, أما الإنشاء فلا يقصد به أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015