قولك: "علي كاتب" هما: الكتابة وعلي، وفي قولك: "اكتب يا علي" هما: الكتابة والفاعل المستتر، والإيجاب والسلب في ذلك سواء.

ولا بد للطرفين من رابط يربط بينهما يسمى "نسبة" فالنسبة هي تعلق أحد الطرفين بالآخر, إما على سبيل الحكم بأحدهما على الآخر -إيجابا أو سلبا- كما في الخبر، وإما على وجه الطلب كما في الإنشاء.

فالنسبة في قولك: "علي شاعر" هي تعلق الشعر بعلي من حيث ثبوته له، وفي قولك: "علي ليس بشاعر" هي تعلق الشعر بعلي من حيث سلبه عنه1، وفي نحو قولك: "اقرأ يا محمد" تعلق القراءة بمحمد من حيث طلب إيجادها منه، وفي نحو قولك: "هل قرأ محمد؟ " تعلق القراءة بمحمد من حيث طلب فهم حصولها منه وهكذا ...

أما ما قيل من أن النسبة هي: "الإيقاع والانتزاع" أي: إدراك أنها واقعة أو ليست بواقعة فتفسير بعيد عن الصواب لعدم شموله للنسب الإنشائية إذ لا يتأتى فيها ذلك كما سيأتي بيانه، وحينئذ فلا يصح تقسيم الكلام إلى خبر وإنشاء.

وهذه النسبة أنواع ثلاثة: كلامية، وذهنية، وخارجية, فالكلامية: تعلق أحد الطرفين بالآخر المفهوم من الكلام، والذهنية: تعلق أحد الطرفين بالآخر القائم بذهن المتكلم، والخارجية: تعلق أحد الطرفين بالآخر المفهوم من الخارج والواقع. فقولك: "علي بطل" يشتمل على النسب الثلاث، فثبوت البطولة لعلي باعتبار فهمه من الكلام يسمى "نسبة كلامية"، وثبوت البطولة له باعتبار قيامه بذهن المتكلم يسمى "نسبة ذهنية"، وثبوت البطولة له باعتبار حصوله في الخارج يسمى "نسبة خارجية"- ومثل النسبة الإيجابية في ذلك النسبة السلبية, كذلك قولك: "أقدم يا علي" فإن طلب الإقدام منه باعتبار فهمه من الكلام يسمى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015