هو طلب المتكلم إقبال المخاطب عليه بحرف ناب مناب أدعو" لفظنا كقوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} ، أو تقديرًا كقوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} .
صيغ النداء:
للنداء صيغ ثمان هي: الهمزة، أي، يا، آ، آي، أيا، هيا، وا، وهي في الاستعمال قسمان:
الأول: الهمزة وأي, وهما موضوعتان لنداء القريب.
الثاني: باقي الأدوات, وهي موضوعة لنداء البعيد.
وقد ينزل البعيد منزلة القريب، فينادى "بالهمزة وأي" تنبيها على أنه في القلب حاضر، ولا يغيب عن الحاضر كما في قول الشاعر:
أسكان نعمان الأراك تيقنوا ... بأنكمو في ربع قلبي سكان1
وقد يعكس فينزل القريب منزلة البعيد، فينادى بأدوات البعيد لغرض من الأغراض منها:
1- الإشعار بأن المنادى رفيع القدر، عظيم الشأن، فينزل بعد المنزلة منزلة بعد المكان كما في قولك: "يا الله" وكقول العبد لسيده، وهو في حضرته: "يا مولاي".
2- الإشارة إلى أن المنادى وضيع المنزلة، منحط المكانة، فكأنه بعيد عن ساحة عز الحضور كما في قولك: "من أنت يا هذا؟ " لمن هو بين يديك.
3- الإشارة إلى أن السامع غافل لذهول، أو نوم، أو نحو ذلك، فيعتبر كأنه غير حاضر في مجلس الخطاب كقولك للساهي: "أيا فلان", إلى غير ذلك.
استعمال الصيغة في غير معناها الحقيقي:
تخرج صيغة النداء عن معناها الأصلي الذي هو "طلب الإقبال" إلى معان أخر مجازية، تفهم من القرائن أشهرها:
الإغراء, وهو الحث على التزام الشيء، والتمسك به كقولك لمن أقبل يتظلم: "يا مظلوم"، فليس الغرض منه، حقيقة النداء الذي هو طلب الإقبال؛ لأن الإقبال حاصل، فلا معنى لطلبه، إنما المراد: إغراء المخاطب، وحثه على زيادة التظلم، وبث الشكوى، بقرينة الحال.
الاختصاص: هو هنا تخصيص الشيء من بين أمثاله بما نسب إليه كأن يقول إنسان: "أنا أكرم الضيف أيها الرجل" و"أنا أيها البطل أكشف الكروب" يريد في الأول أن يقول: أنا مختص من بين الرجال بإكرام الضيف, وفي الثاني يريد: أنا مختص من بين سائر الأبطال بكشف الكروب, والاختصاص على صور ثلاث: