بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} وقوله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} , ولا بحث لنا فيه؛ لأنه ليس من أقسام الطلب, إذ هو عبارة عن تقرب حصول الشيء محبوبًا كان أو مكروهًا, والمكروه لا يطلب حصوله.

صيغة التمني: للتمني صيغ أربع: أحداها أصلية فيه، والثلاث الباقية غير أصلية, وإليك بيانها:

"1" ليت: وهي الأداة الموضوعة لأجل التمني أصالة، وقد تقدمت أمثلتها فلا داعي لذكرها.

"2" هل: ويتمنى بها، فتعطي حكم "ليت"، وينصب المضارع بعدها على إضمار "أن" كما في قوله تعالى: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} ؟ على معنى: ليس لنا شفعاء, ونكتة التمني بها: إبراز المتمني الذي لا طماعية في حصوله في صورة المستفهم عنه، الممكن الوجود، المطموع في حصوله إظهارًا لكمال العناية به، وشدة الرغبة فيه, وإنما لم تحمل على معناها الحقيقي, "وهو الاستفهام" للعلم بأن لا شفعاء لهم، ولا شفاعة.

"3" لو: ويتمنى بها، فتعطي أيضًا حكم "ليت"، وينصب في جوابها المضارع على إضمار "أن" كسابقها كما في قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، وكما في قولنا: "لو تأتينا فتحدثنا" على معنى: "ليت لنا كرة، وليتك تأتينا" ونكتة التمني بها: إبراز المتمني للإشعار بعزته في صورة الممتنع إذ إن "لو" -في الأصل- حرف امتناع لامتناع, ولم تحمل على معناها الحقيقي "وهو الشرطية" لنصب الفعل بعدها.

"4" لعل: ويتمنى بها، فتعطي كذلك حكم "ليت"، وينصب المضارع بعدها على إضمار "أن" كما سبق لأختيها كقوله تعالى حكاية عن فرعون موسى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} على معنى ليتنى أبلغ الأسباب، ومنه قول الشاعر:

أسرب القطا هل من يعير جناحه ... لعلي إلى من قد هويت أطير

على معنى: ليتني أطير, ولم تحمل على معناها الحقيقي الذي هو "الرجاء" لاستحالة بلوغ الأسباب في الأول، والطيران في الثاني, ونكتة التمني بها: إبراز المتمني البعيد الحصول في صورة القريب المترقب حصوله إشعارًا بكمال العناية به، والشوق إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015