وجعل مصير من خالفه وعصاه دار الانتقام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المان بالنعم الجسام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث رحمة للأنام صلى الله

ـــــــــــــــــــــــــــــ

السلام وهي الجنة إلا أنه قد يكون بعد مزيد عذاب ومؤاخذة: "وجعل مصير" أي رجوع أو قرار "من خالفه وعصاه" عطف تفسير "دار الانتقام" وهي النار دائمًا إن كانت مخالفته في الكفر وإلا فمعنى كونها مصيره أن يستحق ذلك إن لم يعف عنه.

"وأشهد" أي أعلم وأبين "أن لا إله" أي لا معبود بحق في الوجود "إلا الله وحده لا شريك له" في ذاته ولا في وصف من صفاته, "المان" أي المتفضل على عباده المؤمنين من المن والمنة النعمة الثقيلة ولا يحمد إلا في حقه تعالى لأنه المتفضل بما يملكه حقيقة وغيره لا ملك له معه فلم يناسبه المن به, "بالنعم" جمع وهي اللذة التي تحمد عاقبتها، ومن ثم لم يكن لله نعمة على كافر وإنما ملاذه استدراج "الجسام" أي العظام. "وأشهد أن" سيدنا "محمدًا" وهو علم موضوع لمن كثرت خصاله الحميدة، وسمي به نبينا بإلهام من الله لجده1 بذلك ليطابق اسمه صفته. "عبده" قدمه لأنه أكمل أوصافه، ولذا خص بالذكر في أشرف مقامات كماله صلى الله عليه وسلم نحو: {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِه} [الفرقان: 1] ، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] ، {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [الجن: 19] ، لاسيما ليلة المعراج المتكفلة بغايات الكمالات المفاضة عليه صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة وما بعدها، و"رسوله" هو إنسان ذكر حر أوحى إليه بشرع وأمر بتبليغه وإن لم يكن له كتاب ولا نسخ لشرع من قبله وآثره على النبي لأنه أفضل، لكن قال ابن عبد السلام: نبوة الرسول أفضل من رسالته لتعلقها بالله تعالى وتعلق الرسالة بالخلق وفيه نظر بينته في غير هذا الكتاب، "المبعوث رحمة للأنام" أي الخلق، أما كونه رحمة للخق فدل عليه الكتاب2 والسنة 3 والإجماع، ومعنى كونه رحمة للكافر أنه لا يعاجل بالعقوبة والأخذ بغتة كما وقع لأمم من قبله، وأما كونه مبعوثًا للخلق بناء على تعلق قوله للأنام بقوله المبعوث فهو ما ذكره بعض المحققين لخبر صحيح4 يدل له وهو اللائق بعلو مقامه صلى الله عليه وسلم، وقد بينت في بعض الفتاوى أن الأصح أنه صلى الله عليه وسلم مرسل للملائكة بما فيه مقنع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015