لتعريف الحلال والحرام، وجعل مآل من علم ذلك وعمل به الخلود في دار السلام،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أمر ذي بال": أي حال يهتم به "لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم" 1 وفي رواية: "أقطع" 2 وفي أخرى "أبتر" 3: أي قليل البركة، وفي رواية: "ببسم الله الرحمن الرحيم" 4، وفي أخرى: "بذكر الله" 5 وبها يتبين أن المراد البداءة بأي ذكر كان، وقرن الحمد بالجلالة إشارة إلى أنه سبحانه وتعالى يستحقه لذاته لا بواسطة شيء آخر وآثر كغيره الحمد على الشكر؛ لأن الحمد يعم الفضائل وهي الصفات التي لا يتعدى آثرها للغير والفواضل وهي الصفات المتعدية والشكر يختص بالأخيرة، "الذي فرض" أي أوجب "علينا" معشر الأمة إيجابًا عينيًّا6 لا رخصة في تركه "تعلم" ما نحتاج إليه لمباشرتنا لأسبابه، فالعبادات يجب على كل مكلف تعلم ما يكثر وقوعه من شروطها وأركانها فوزًا في الفوري وموسعًا في الموسع كالحج والمعاملة والمناكحة وغيرها، لا يجب تعلم ذلك فيه إلا على من أراد التلبس به، فمن أراد أن يتزوج مثلا امرأة ثانية لا يحل له حتى يتعلم غالب أحكام القسم ونحوه وعلى هذا فقس، أما الإيجاب على الكفاية بمعنى أنه إذا قام به البعض سقط عن الباقين فيعم سائر "شرائع الإسلام" وما يتوقف معرفتها أو كمالها عليه كالنحو وغيره، والشرائع جمع شريعة وهي لغة مشرعة الماء7 وشرعًا ما شرعه الله لعباده من الأحكام، فالإضافة بيانية أو بمعنى اللام وهو أولى إذ الإسلام هو الانقياد والاستسلام وتعرف الشريعة أيضًا بأنها وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما يصلح معاشهم ومعادهم، "و" تعلم "معرفة" جميع أحكام "صحيح المعاملة" والمناكحة والجناية وما يتعلق بكل "وفاسدها" وإنما وجب على الكافة ذلك عينًا أو كفاية "لتعريف" أي معرفة "الحلال" الشامل للواجب والمندوب والمباح والمكروه وخلاف الأولى "والحرام" حتى يفعل الحلال ويجتنب الحرام، وفي نسخة "من الحرام" أي لتمييز الحلال الطيب من الحرام الخبيث، "وجعل مآل" أي عاقبة "من علم ذلك وعمل به الخلود في دار السلام" على أسرّ حال وأهنئه من غير كدر يصيبه في قبره وما بعده، بخلاف من لم يعلم ذلك لتركه الواجب أو علمه ولم يعمل به فإن إسلامه وإن كان متكفلا له بالخلود أيضًا في دار