ففجر الله لهم عينا من تحت جران [1] بعير عبد المطلب، فحمد الله عبد المطلب على ذلك وعلم أنه من الله تعالى فشربوا من الماء ريّهم وتزودوا منه حاجتهم، قال: ونفد ماء الثقفيين فطلبوا إلى عبد المطلب أن يسقيهم، فقال له الحارث ابنه: والله لئن فعلت لأضعن سيفي في إهابي [2] ثم لأنتحين عليه حتى يخرج من ظهري، فقال له: يا بني! اسقهم ولا تفعل ذلك بنفسك، قال: فسقاهم عبد المطلب، ثم انطلقوا إلى الكاهن وقد خبأوا له خبيئا وهو رأس جرادة فجعلوه في خربة [3] مزادة [4] وعلقوه في قلادة كلب لهم يقال له سوّار، قال:
فلما أتوا الكاهن إذا هم ببقرتين/ تسوقان بحزجا [5] بينهما كلتاهما توأمة [6] تزعم أنه ولدها، وذلك أنهما ولدتا في ليلة واحدة فأكل النمر إحدى البحزجين فهما يرأمان [7] الباقي، فلما وقفتا [8] بين يدي الكاهن قال: هل تدرون ما تقول هاتان البقرتان؟ قالوا: لا، قال: يختصمان في هذا البحزج ويطلبان بحزجا آخر ذهب به ذو جسد أربد وشدق رمع [9] وناب معق [10] وحلق صعق [11] ، فما للصغرى في ولد الكبرى من حق، فقضى به لكبرى من البقرتين، فلما ذهبتا