فيقول: أشهد أنه لم يجترئ [1] عليكم غيركم ولم يسرق الغزال غيركم، وأيم الله لئن لم ينه حلماؤكم سفهاءكم لتنزلنّ بكم النقمة! فلما أكثر قال له حفص بن المغيرة:
قد أكثرت في أمر الغزال ولست أولى قريش به، إنما هو غزال عبد المطلب وهذا الزبير بن عبد المطلب وأبو طالب لا يتكلمان وما أبو لهب عندي بخليّ منه فأكفف! فغضب الزبير وأبو طالب فقالا: لا تزال [2] تناضل [3] من دونه كأنك تعرف صاحبه وأيم الله لئن ثقفناه [4] لنقطّعنّ يده! فمكثوا يشربون شهرا أو أكثر، ثم إن العباس بن عبد المطلب مرّ وهو غلام شاب آخر النهار في حاجة له بعد ذلك بشهر بدور بني سهم وقد لغط القوم وثملوا وهم يرفعون أصواتهم، فأصغى لهم فسمع بعضهم يقول للقينتين: غنيا [5] بقول أبي مسافع: (البسيط)
إن الغزال الذي كنتم وحليته ... تقنونه لخطوب الدهر والغير
طافت به عصبة من شر قومهم ... أهل العلى والندى والبيت ذي الستر
فاستقسموا فيه بالأزلام علّكم ... أن تخبروا بمكان الرأس والأثر
إني وإن أجنبيا كنت عن وطني ... فإن حلفي إلى عمران أو عمر [6]
ريحانة القوم لا أبغي بحلفهم ... حلفا ولا غيرهم حيا من البشر
فغنتا [7] . وأقبل العباس فقال: يا أبا طالب! هل لك في سرقة الغزال؟
قال: ومن هم؟ قال: هم في بيت [8] مقيس ولم أرهم فتعالوا فاسمعوا! فأقبل أبو طالب والزبير وابن جدعان ومخرمة بن نوفل والعوّام بن خويلد حتى دنوا من