فقال: خذها، فأبي/ الغلام أن يدفعها، فرجع إلى يزيد وقال: ناقة سوداء ببابك أحب بديح أن يعجب بها أهل المدينة، فقال: يا غلام! ادفعها إليه وكل ناقة سوداء قبلكم، فكانت سبعمائة سودا، وكتب له إلى [عامل-] [1] أذرعات [2] يحملها كلها له زيتا، فلم يجده لكلها [3] فأعطي ثمنه، فقال هشام بن عبد الملك لبديح: كم وصل به إلى المدينة من السبعمائة ناقة؟ قال بديح: ثلاثون ناقة. وسأل بديحا هشام بن عبد الملك عن عبد الله بن جعفر فقال: لو وصفته عمري لما خرجت [4] إلا مقصرا عن وصف سخائه وكرمه، قال: فأخبرنا عنه، قال جاءه من قريش رجل فسأله أن يسوق عنه مهره، قال: وكم؟ قال: هو خمسون دينارا، فقال: يا بديح! هات الكيس، فجئت به، فقال: عد له، ولم يكن الناس يزنون، فعددت وطربت ورجّعت [5] ، فلما بلغت الخمسين وقفت، فقال: امض، فمضيت حتى أتيت على الكيس، فقال: ليت [6] الكيس بقي وبقي صوتك، فقال هشام: فكم كان في الكيس؟
قال أربعمائة دينار، قال له: فمن الرجل؟ فقال: لا أخبرك، قال: ولم؟ قال:
أخاف أن تأخذ منه، فقال: يا خبيث! يعطيه عبد الله وآخذها أنا منه، فقال:
إي والله! إنك لتفعل.
وذكروا أن ابن جعفر أراد سفرا فأمر رجلا أن يجهزه، ففعل وجاء بحسابه، فقال له ابن جعفر: ما تصنع بالحساب؟ قال: لتقرأه وتعرفه أبقاك الله! / فقال:
لا حاجة لي به إن كان لك فضل فأخبرنا به حتى نعطيكه وإن كان لنا عندك فضل فأخبرنا حتى نأمرك فيه بما نرى، قال: أني أحب أن تقرأه، فقرأه فكان