فذلك جيد لأن الأسفار وركوب الإبل والعزيمة على الصبر إلى المسافات الطوال ربما أورد من الفوائد ما يزيل الهموم.

وقال المتنبي:

أعرضُّ للرّماحِ الصمِّ نحري ... وأنصِبُ حُرَّ وجهي للهجيرِ

صدر البيت من قول القتالي:

نُعرضُ للطّعان إِذا ألتقينا ... وُجُوهاً لا تعرّض للسِّبابِ

فجاء بالمعنى وزاد في كلامه ما هو من تمامه وجمع بين الفتوة والمروءة وعجز البيت من قول المثقب:

فقلت لبعضهنَّ وشُد رحلي ... لها جَرةٍ نصبتُ لها جَبيني

ولكن أبا الطيب قد جمع الطويل في الموجز القليل وللقتالي زيادة عليه.

وقال المتنبي:

عدوي كل شيء فيك حتى ... لخلت الأكم موغرة الصّدور

فسره بعض أهل العربية فقال معناه أن الأكم تنبو به فلا يطمئن فيها وكل ذلك لعداوته وذكر أن فيه معنى آخر أنها موغرة الصدور لحرارتها وهذا تفسير مظلم لا يحصل له معنى يفهم والذي أرى أن مقصد أبي الطيب أنه رأى في عدوه كل شيء من البشر قد أجمع حتى أوهمه ذلك أن الأكم موغرة الصدور من شرها واحتراقها بنار الحسد والحقد وما شاكل ذلك مما يجر الصدور فضلاً عن الناس.

وقال المتنبي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015